الطفل في الأشهر الستة الأولى
إن الطفل حديث الولادة، لا يستطيع الشعور بنفسه، وغالباً لا يشعر ولا يدرك وجوده أو وجود من حوله، ولكنه يشعر بالبرد و بالحر. وقد يرتعد إذا سمع صوت ضوضاء، أو صوتـاً عالياً، كما يشعر بالألم، أما أقوى المشاعر فهي الإحساس بالجوع الذي يمثل أكبر مشكلة يواجهها في حياته، وبالتالي فهو يظل يصرخ حتى يحصل على الغذاء الذي يشبعه، ويريحه من ألم الجوع.
وبالتدريج يتعلم الطفل أن الصياح والبكاء هما وسيلته الوحيدة لكي يُشعر من حوله بحاجته إلى أي شيء، أو ما يحتاجه من احتياجاته الأساسية.
ثم يبدأ الجهاز العصبي للطفل في النمو بسرعة، فيلاحظ الوالدين أنه يبدأ بالتدريج في لمس الأشياء بأصابعه، ثم توصيل هذه الأشياء إلى فمه، فهو يتذوق ويشعر أيضاً بفمه.
ويظل الطفل يتأمل كثيراً في شكل يديه وأصابعه، وينظر إليهما، طويلاً، ثم يبدأ في عمل حركات بهلوانية فيضع أصابع قدمه في فمه في سهولة ومرونة .
ثم بعد ذلك يستطيع أن يفرق بين أصابعه وبين اللعب البسيطة التي تُعطى له ليلعب بها، وذلك من خلال مذاقها في فمه.
ويتفاعل الطفل - أكثر - مع البيئة من حوله، فيستطيع أن يفرق بين الأشياء وبعضها، وبين استخدام كل منها، فهو يعرف أن هذا هو فراشه الذي ينام فيه، والببرونة و اللهاية او السكاتة ، والطعام، واللعب، ثم ينمو ليستطيع أن يجلس مستنداً على عدد من الوسائد ويتناول ويمسك بالأشياء من حوله، كل هذا يكون مع نهاية الشهر السادس.
ويتضح تطوره العصبي والنفسي عندما يعرف الناس من حوله فيبتسم ويضحك لهم، أو يبكي عندما يغضب، أو يخاف، أو عندما يريد النوم... وهكذا.
الستة أشهر الثانية من عمر الطفل :
في هذه الفترة يبدأ الطفل في الحركة والنشاط أكثر وقد يحاول أن يقف مستنداً على شيء أعلى منه. كما يبدأ في نطق بعض الكلمات البسيطة، لذا فإنه من المهم أن تتحدث مع الطفل منذ أن يولد .
ومـع كـثرة حركة الطفل في الحبو او الزحف والتنقل من مكان لمكان، قد يمسك بأشياء تمثل خطورة كبيرة عليه، وهنا يأتي دوركما لتأمين سلامة الطفل، فلا يكفي أن تقول له: «لا»!، أو تبعده عن مصدر الخطر، ليعود ويعبث به مرة أخرى، بل الحل الأمثل هو إخفاء الأشياء التي يمكن تحريكها، وغلق الأبواب - إن أمكن - عن باقي الأشياء، وتأمين حركته وسلامته بقدر المستطاع، وفي هذا راحة وسلام لكما وللطفل.
وفي العام الأول للطفل، يتعلم أيضاً معاني، ومشاعر كثيرة، منها الانتماء و الحب والشعور بالوحدة و السعادة و الغضب و الأنانية .
ايضا يشعر بالانتماء لأسرته والدته ووالده وإخوته، وكل من يعيش معه في البيت، فيرتبط بهم، ويظل يبحث عن أحدهم إذا خرج، أو تركه فجأة في أثناء اللعب معه. ويشعر بالخوف ويبكي إذا بقى وحيداً.
والطفل يحتاج دائماً للشعور بأنه مقبول، ومحبوب ممن حوله، وبخاصة والديه، فالطعام والعناية بنظافته لا تكفيان بل لابد من ضمه واحتضانه وتقبيله من وقت لآخر، فالحب غذاء نفسي وجسدي للطفل.
كما يبدأ الطفل في تعلم السلوك الذي سيسلكه فيما بعد في حياته، وذلك بتقليد والديه في كل شيء، فإذا ولد الطفل في بيت مستقر ومترابط مليء بالحب والاحترام، يتعامل من فيه بالهدوء والعقل، فليس غريباً أن يسلك الطفل على نفس المنهج فتراه لطيفاً، ذكياً، يحب الناس لا يبكي ولا يصرخ كثيراً، بل يتعلم السلوك الراقي منذ طفولته.
كيف يتعلم طفلك السلوك الطيب من عامه الأول؟
يجــب أن يتعلم أن يفرق بين الأنانية، وبين الحب، ويجب عليك أنت أن تفرق بين بكاء الطفل رغبة في شيء حيوي ومُلح، وبين بكائه وصراخه بدون سبب، سوى للاستحواذ على كل وقتك. فهنا ينشأ الشعور بالأنانية لدى الطفل فلا يجب عليك أن تحمل طفلك كلما بكى أو صرخ، بل يجب أن تعطيه الفرصة لكي يحاول أن يتسلى بمفرده بأي لعبة من لعبه، أو يجلس بالقرب منك وأنت تقوم بعملك، وهو يتسلى ويلعب أيضاً.
لكن إذا ظل الطفل على بكائه وصراخه، ولم يسكت حتى تحمله، فهذا يدل على شيئين. فإما أنه يفتقد الشعور بالاهتمام والحب منك، وأنك شحيح في عواطفك تجاهه، ولذلك فهو يبكي ويصرخ ليلفت الأنظار إليه.
أو أنه اعتاد على أن تحمله و«تهننه» كلما بكى، ولا تتركه حتى ينام، فقد اعتاد الطفل على التدليل الزائد، ولن يرضى بأن يلهيك عنه أي شيء، طالما هو مستيقظ، وبالعكس فكلما كبر الطفل، زادت حيله ليستحوذ على كل اهتمامك حتى لا تجد وقتاً لعمل أي شيء آخر.
فيجب عليك أن تفهم نفسية طفلك وأسباب سلوكه الغريب، أو العـصبي أو العنيف، حتى تربيه التربية السليمة، ولا تستهن - أبداً - بذكاء طفلك في هذه السن، فشخصية الطفل تتشكل منذ أيامه وشهوره الأولى، وهو يتعلم في هذه المرحلة كل الصفات والتصرفات التي ستجعل منه فيما بعد إنساناً محترماً، لطيفاً، ذكياً يحب الناس وناجحاً في حياته.
0 التعليقات:
إرسال تعليق